المدينة الوحيدة.. كيف تصف حزنك الغامض؟!


المدينة الوحيدة.. كيف تصف حزنك الغامض؟!
الكاتب: محمود راضي

ربما يكون هذا هو الكتاب الذي ظللت طيلة حياتي أبحث عنه...
تواجهني على الدوام مشكلة مزمنة، حين أحكي صدقائي عن إحساس الوحدة، كأني بالضبط أحاول أن أحوز قبضة من الهواء بيدي، إنه إحساس شديد الذاتية، شديد المراوغة، شديد التجريد، شديد الفردية، قد لا يدرك المرء في بعض احيان على وجه التحديد سبب إحساسه بالوحدة، وقد يدرك هذا احساس بمجرد الفطرة والسليقة، لكنه لا يملك أن يعبر عنه، أو أن كلماته لا تسعفه بالقدر الكافي لتوصيف هكذا إحساس، كأن القاموس - ذلك القاضي البارد على حد تعبير لاينج نفسها - لم يوفَّق في العثور على الكلمة المناسبة لها، وهو ما ذكرني شيئًا ما بمشروع (قاموس احزان الغامضة) لواضعه جون كينوج، والذي يحاول سبر أغوار الكثير والكثير من المشاعر الحزينة التي لا تملك كلمات تصفها بدقة.

أوليفيا لاينج تبدأ التفتيش في طرقات المدينة ومسارات الذات وانكسارات الروح، عما يعني أن يكون المرء وحيدًا من ذاتها، من نفسها، ومن أشيائها التي شغفتها حبًّا وتماسَّت مع إحساسها بالوحدة، المبتدأ من عندها، لكنها ليست هى المنتهى، بل إنها تنشد البحث عن صورة وتعريف الوحدة في مرايا الآخرين - ممن أحبت من فنانين - عن هذا احساس الغامض الزئبقي الذي يستعصي كثيرًا على محاولات امساك، وتبحث معهم عن احساسيس المشتركة بينها وبينهم، إنها سيرة ذاتية كبيرة تشتمل في داخلها على سير ذاتية مصغرة، لكن ليست بالضرورة للأحداث، وإنما للمحسوسات.

تمر لاينج سريعًا للغاية في بدايات الكتاب عما قرأته من دراسات وأعمال أكاديمية حاولت تعريف وتفسير الوحدة، ربما نها عرفت بشكل لا واعٍ أن هكذا شعور لا يكفي معه وضعه تحت مبضع الجراح في عالم اكاديميا، كما لم تتوقف كثيرًا عند قصة حبها الفاشلة التي جاءت بها إلى هذه المدينة، ولا تحاول عيش دور الضحية لها، بل تتخذها نقطة بداية من أجل فهم أعمق لنفسها.

مع المضي قدمًا في الكتاب، يتكشَّف لدى القارئ أن كل امرئٍ يشعر بالوحدة يملك صيغته الخاصة من هذا الشعور، حتى لو تشابهت الدوافع والمنطلقات ومسارات احداث، وهو ما قد يدفع القارئ للتفتيش في داخله عن صيغته ونسخته الخاصة، حتى مع مرارة وغصة هذا البحث، وحتى مع احساس المتعب نفسيًّا الذي يستتبع قراءة هذا الكتاب، أوليفيا لاينج تمنح كل الوحيدين علامات طريق للبحث والتفتيش في دواخلهم، وهذا الكتاب هو مجرد بداية.


المدينة الوحيدة.. مغامرات في فن البقاء وحيدًا
تأليف: أوليفيا لاينغ، ترجمة: محمد الضبع
دار كلمات للنشر والتوزيع (دولة الكويت)

1 تعليقات

  1. الموضوع ده فكرني ببوست كان كاتبه صديقنا الفنان رامي نادر بيتكلم عن الوحدة..

    "هل تعرف معنى الوحده
    الوحده فكر مختلف
    طعم تتذوقه انت فقط
    عطر خاص يجعلك تتنفسه بديلا عن الهواء
    نار تعشق سخونتها على يديك
    الوحده دقات قلب ذات إيقاع خاص
    الوحده تبغ فريد تدخنه انت بمتعه و لكن الآخرون يسعلون من مجرد مرور خطوته أمام انوفهم
    كأس شراب تحتسيه حتى اخر قطره و يحرمه الآخرون
    الوحده نور ..الوحده قبر.. الوحده سرير ذو وسادة واحده
    الوحده قناه تشاهدها انت فقط
    او اغنيه تسمعها بشكل مختلف
    الوحده سياج تصنعه حول نفسك
    الوحده روايه تحكى قصه غامضة فى حياتك لا يعرفها غيرك
    الوحدة دور تلعبه وحدك
    الوحده مسرحيه من فصل واحد و بطل واحد هو مؤلفها و مخرجها
    الوحده قبو داخل كهف مظلم
    الوحده تسطع عند الغروب
    الوحده آله موسيقيه ذات وتر واحد
    الوحده ان تخدم نفسك بنفسك
    أن تكتب منشور على الفيس بووك و تجلعه only me
    الوحده ان تكون الحياه only me"

    البوست الأصلي https://www.facebook.com/photo.php?fbid=10158120060313623&set=a.10150469839228623&type=3&theater

    ردحذف
أحدث أقدم