آليات الفن الجماهيري.. شيء من رد الاعتبار للفن المنبوذ

آليات الفن الجماهيري.. شيء من رد الاعتبار للفن المنبوذ

الكاتب: محمود راضي

 

هذا الكتيب الإلكتروني عبارة عن ورقة تقدم بها الكاتب والناقد السينمائي مدحت محفوظ لجمعية نقاد السينما المصرية حول الحديث عن السينما الجماهيرية (التجارية) أو الماينستريم التي لطالما نالت كل صنوف التعالي والنبذ والتحيز المسبق ضدها من جمهور المثقفين والنقاد في كل مكان، وهنا يحاول مدحت محفوظ في هذه الورقة الموجزة أن يعيد لها الاعتبار مجددًا وأن يحللها ويحلل وظائفها بشكل خالٍ من أي تعالٍ.

يطرح مدحت محفوظ في البداية فكرة مهمة ومثيرة وتغيب للأسف عن أغلب المثقفين المشغولين بإقامة جدران عازلة وفاصلة بين الفن النخبوي والفن الجماهيري وممارسة مختلف صنوف التمييز العنصري ضد كل ما هو فن جماهيري لمجرد كونه فن جماهيري، وهي أن المسافات الفاصلة بين تلك اﻷنواع من الفنون ليست ثابتة، بل إنها تتغير مع الزمن باستمرار، فيضرب مثالًا مهمًّا حول مسرحيات شكسبير التي كانت موجهة في اﻷساس للعامة، بينما تحولت مع الوقت وتبدل الزمن ﻷعمال نخبوية، وهو ما يدفعنا للنظر مليًّا حول التغير الدراماتيكي مثلًا للموقف من فنان بحجم أحمد عدوية من الهجوم المتوالي الذي لا يرحم ليل نهار عليه، إلى إعادة تذوق موسيقاه لاحقًا وتقديره فنيًّا بأثر رجعي، أو ما يحدث حتى في السنوات اﻷخيرة مع أحمد مراد الذي بات هو أكثر كاتب مغضوب عليه من المثقفين في مصر فقط لكونه كاتبًا رائجًا.

هذه الفكرة تعيدنا من جديد لفكرة السلطة الثقافية التي تحدثت عنها اﻷكاديمية والروائية الراحلة رضوى عاشور، تلك السلطة التي تضع في يديها سلطة تهميش أو إبراز الأعمال الفنية أو اﻷدبية التي تتماشى مع رؤاها العامة، وهو ما داومت السلطة الثقافية على فعله طوال الوقت في كل مكان.

كما يرد مدحت محفوظ في هذه الورقة الاعتبار من جديد لعاملي التسلية واﻹمتاع في السينما، الذين واجهوا الكثير من الاحتقار، وجعل منهما ركيزة أساسية لا غنى عنها لانتعاش الفن الجماهيري، وهي العوامل التي هُمِّشت لحساب التركيز – قصرًا - على المضامين السياسية والاجتماعية التي تقدمها السينما، وهو ما نراه في تحليله المتميز للعناصر المميزة للفن الجماهيري.

لكن في المقابل أختلف معه كثيرًا في الرفض المضاد الذي يقوم به هنا بشكل قاطع وكامل للسينما الفنية أو "اﻵرت هاوس"، وشعرت أنها لا تعدو مجرد ردة فعل يقوم بها في مواجهة رفض المثقفين للفن الجماهيري، فلماذا أنا مجبر على الاختيار بين هذين الخيارين فقط، إما أن أشاهد واحدة أو الأخرى، إنها ليست معركة بين فسطاطي الحق والباطل، المسألة أبسط من ذلك بكثير.

 

إرسال تعليق

أحدث أقدم