معارك السيف والقلم.. حكايات تاريخية مشوقة من العصر العباسي



معارك السيف والقلم.. حكايات تاريخية مشوقة من العصر العباسي

إعداد: محمد خيري الخلَّال

 

للقصص التاريخية المنسوجة بأسلوب أدبي ـ وخصوصًا التي تتناول التاريخ العربي ـ جاذبية خاصة لدى أغلب القراء؛ فهي تضفي على التاريخ ألوانًا شائقة من جمال الأدب وروعة الفن، تقربه إلى الأذهان بأسلوبها الفني، فيجد القراء فيها من تصوير الأحداث تصويرًا فنيًّا، وتحليل الأشخاص تحليلًا دقيقًا، والكشف عن طبائع النفوس وخفاياها، ما لم يجدوه في رواية التاريخ المجرد.

وأسفار التاريخ مزدحمة بالمعارك النفسية والطبائع البشرية التي تتنافس فيها الرحمة والقسوة، والنصر والهزيمة، والحب والبغض، والزهد والطمع، وغيرها مما هو مجال الأدب ومما يصدر عن الطبيعة البشرية.. وهناك كُتَّاب برعوا في استخراج تلك القصص من بطون التاريخ وكتب الأدب، وصياغتها بأسلوب رشيق عذب يضفي عليها متعة وجاذبية بعيد عن الاستطراد التاريخي الممل.. ومن هؤلاء الأديب والشاعر المصري الأستاذ طاهر الطناحي الذي قدم نموذج مدهش لتطويع التاريخ بالأدب في كتابه: (معارك السيف والقلم.. قصص من تاريخ العرب والإسلام) والصادر عن دار المعارف سنة 1959.

فعبر (16) حكاية ممتعة من التاريخ الإسلامي.. يطوف بنا الأستاذ طاهر الطناحي خلال العصر الذهبي في الدولة العباسية، وما برز فيها من أحداث وأبطال.. وقد وضع هذه القصص من صميم الواقع بأسلوب أدبي، ونسج من حقائق التاريخ السياسي والاجتماعي في ذلك العصر، وعرض فيها لطائفة من مشاهير القادة والسياسيين وكبار الأدباء.

وتخير طائفة من مآسي الملوك والوزراء والقواد والأدباء الذين عاشوا في هذا العصر الزاهي الممتلئ بالأحداث الخطيرة، في السياسة والقيادة والحرب والاجتماع.. في صورًا ناطقة حية، وفي ثوب عصري جديد يتفق وزي هذا العصر في الآراء والتفكير.. لنتعرف عن طريقها أسلوب أهله وألوان حياتهم، وما كان لهم من عادات وأخلاق وأهداف.

وبدأ الكتاب بميلاد الدولة العباسية التي قامت على أنقاض دولة بني أمية، فصور هذا الميلاد الرائع في قصة شروق وغروب، ثم تبعتها قصص أخرى تضمنت: مأساة ابن المقفع، ونهاية أبي جعفر المنصور، وما وقع بين بشار بن برد وبين الخليفة المهدي ومصرعه، ونكبة البرامكة والدور الذي لعبته زبيدة زوجة الرشيد في تلك النكبة، وظروف وفاة هارون الرشيد، وتنازع ابناه الأمين والمأمون على الخلافة والسلطان.. وقصص أخرى حَوَتَ أروع ما في ذلك العصر من أحداث، وأشهر ما فيه من رجال ونساء كانت لهم أدوارًا خطيرة في السياسة والقيادة والحرب والاجتماع.. وقد جعل فيها للأدب نصيبًا ملحوظًا لأنه كان كالسياسة والحرب من أبرز نواحي العصر العباسي وألمع ألوان حياته.

ولما كان من حقائق العصر العباسي وأحداثه ما هو أوقع في النفس من الخيال.. فقد تيسر للكاتب أن يقدم للقارئ قصصًا فيها تاريخ لمن يحب التاريخ، وفيها فن وأدب لمن يحب الفن والأدب، وفيها من تجارب الحياة عظات وحكم، ومن أحداث السياسة والحرب عراك بين السيف والقلم!



إرسال تعليق

أحدث أقدم