سلسلة الفيلسوف الصغير.. مَن يحتفي بأسئلة اﻷطفال؟




سلسلة الفيلسوف الصغير.. مَن يحتفي بأسئلة اﻷطفال؟
الكاتب: محمود راضي

في بلادنا، ربما لن تجد سوى شرائح مجتمعية محدودة وقليلة جدًّا قد تلقي بالًا ﻷسئلة اﻷطفال البريئة والمبكرة ذات الحس اللمَّاح، حول أكثر مظاهر الحياة استغلاقًا وغموضًا عليهم، وهذه اﻷسئلة من فرط نقائها وبديهيتها، فهي طوال الوقت تصطدم مع السقف الذي وضعه الكبار لتلك اﻷسئلة، وقليلًا ما تجد مَن يتعامل مع هذه اﻷسئلة، واﻷقل منهم مَن يحتفي بهذه اﻷسئلة من اﻷساس.

وممن احتفوا بهذه اﻷسئلة وقرروا أخذها على محمل الجد، الفيلسوف الفرنسي "أوسكار برنيفييه" Oscar Brenifier، الذي قدم في هذا الحقل سلسلته الموجهة للأطفال (الفيلسوف الصغير)، التي صدرت في 7 كتب منذ أعوام عدة، وترجمتها للغة العربية ميريام رزق الله، وصدرت عن دار الشروق المصرية، وكل منها بموضوع عام (أنا، الحياة، الحياة معًا، الخير والشر، الجمال والفن، المعرفة، الحرية)، مستخرجًا من كل موضوع من هذه الموضوعات عددًا من اﻷسئلة التي تمثل منطلقات لبناء حوار مع الطفل حول ما يؤرقه ويشغل باله.

وﻷن برنيفييه يدرك عقلية الطفل المتشعِّبة التي تنتقل من سؤال ﻵخر دون توقف، يحاكي كل كتاب من السبعة على نحو مألوف للطفل هذه الذهنية الطفولية في تشعُّبها في التفكير، بل ويعمل على تكوين رابطة صداقة معه، لضمان أن يتفرَّع من كل سؤال عشرات اﻷسئلة الفرعية اﻷخرى التي تثري النقاش أكثر بكثير مما بدأ به بمجرد تساؤل بسيط.

كما تساعد هذه السلسلة قراءها من الصغار على تجسيد أكثر اﻷفكار تجردًا ومحسوسية أمام أعين الطفل، وإنزالها لنفس المستوى المادي الذي يتعامل به مع كافة مفردات عالمه المادية، ودون الشعور بالغربة عن عالمه الداخلي الذي يحرك اﻷسئلة طيلة الوقت عما يجري في العالم الخارجي.

وفي الحقيقة، فإن المتعة المرجوَّة من وراء هذه السلسلة لا تقتصر في توجهها على اﻷطفال، بل قد يكتشف القارئ البالغ فيها مدخلًا مناسبًا على قدر بساطته نحو أول عتبات الفلسفة، خاصة إن كان هذا القارئ يبحث عن كتاب يبدأ منه الدخول نحو عالم الفلسفة متلاطم اﻷمواج، وقد يكون ضروريًّا للكبار على نفس قدم المساواة؛ من أجل تكافؤ أطراف الحوار والخروج منه بفاعلية أكبر.

إرسال تعليق

أحدث أقدم