جورج كارلن: مكان ﻷغراضي

مكان ﻷغراضي

جورج كارلن George Carlin

ترجمة: محمود راضي

 

أهلًا!.. كيف حالكم؟.. هل أحضرتم أغراضكم معكم اليوم؟.. أراهن أنكم فعلتم.. لدى الرجال أغراض في جيوبهم، ولدى السيدات أغراض في حقائبهن.. بعض السيدات بالطبع لديهن جيوب، وبعض الرجال لديهم حقائب.. لا ضير في ذلك، كلها طرق مختلفة لحمل أغراضك.

 

ثم هناك كل اﻷغراض التي تملكها في سيارتك، لديك أغراض في صندوق السيارة، الكثير من اﻷشياء المختلفة: عجلة احتياطية، رافعة، أدوات، بطانية قديمة، زوجين إضافيين من اﻷحذية الرياضية من باب الاحتياط إذا انتهى بك الحال حافي القدمين على الطريق السريع في ليلة ما.

 

إذا فاﻷغراض مهمة، عليك الاعتناء بأغراضك، لا بد أن يصير لديك مكان ﻷغراضك، كل شخص عليه امتلاك مكان ﻷغراضه، هذا كل ما تتمحور حوله الحياة: محاولة البحث عن مكان ﻷغراضك!.. هذا هو كل الغرض من منزلك: مكان للحفاظ على أغراضك، لو لم يكن لديك الكثير من اﻷغراض، لن تحتاج منزلًا، يمكنك فحسب التجوال طيلة الوقت.

 

المنزل ما هو إلا كومة من اﻷغراض يعلوها سقف.. حين تُقلع بالطائرة، تستطيع أن ترى كل اﻷكوام الصغيرة من اﻷغراض، كل امرئ لديه كومته الصغيرة من اﻷغراض، كما أنهم يقفلون عليها!.. هذا صحيح!.. عليك أن تقفل منزلك حين تغادر، أنت لا تريد ﻷحد أن يدخل ويأخذ أي من أغراضك، ﻷنهم دومًا يحصلون على اﻷغراض الجيدة!.. إنهم لا يشغلون بالهم بهراءات ادخارك.. ليس الجميع مهتمين بأوراقك الحسابية للصف الرابع، وأعداد مجلة ناشيونال جيوجرافيك، واﻷطباق التذكارية، وغنيمتك من مجموعة نافاجو للملابس الداخلية.. إنهم يريدون فقط اﻷغراض اللامعة، أو اﻷغراض الإلكترونية.

 

ومع وضعك هذا في الاعتبار، فإن منزلك لا شيء أكثر من مجرد مكان تبقي فيه أغراضك، بينما أنت تُدخل وتُخرج.. أغراضًا، ﻷن هذا ما تقوم عليه هذه البلاد، محاولة الحصول على المزيد من اﻷغراض، أغراض لا تريدها، أغراض لا تحتاجها، أغراض سيئة الصنع، أغراض باهظة الثمن، وحتى أغراض لا تستطيع تحمل تكلفتها!.. عليكم الاستمرار في جلب المزيد من اﻷغراض، وإلا سينتهي الحال بشخص ما مع أغراض أكثر.. لا يمكن أن تدع ذلك يحدث، عليك أن تكون صاحب الأغراض اﻷكثر.

 

لذا تواصل الحصول على المزيد والمزيد من اﻷغراض، مع وضعها في مختلف اﻷماكن: في الدواليب، في العليَّة، في المرآب، وربما توجد حتى بعض اﻷغراض التي تركتها في منزل والديك: بطاقات البيسبول، الكتب المصورة، الصور الفوتوغرافية، التذكارات.. في الحقيقة، لقد ألقى والديك بهذه اﻷغراض منذ زمن ولَّى.

 

لذا لديك اﻵن منزل متخم باﻷغراض، ورغم أنك قد تكون محبًّا لمنزلك، ترغب في الانتقال، عليك الحصول على منزل أكبر، لماذا؟.. أغراض كثيرة جدًّا!.. وهو ما يعني أنه عليك نقل جميع أغراضك، أو ربما وضع بعض أغراضك في مخزن.. مخزن!.. هناك صناعة كاملة قائمة على العناية بأغراض الآخرين.

 

أو ربما تستطيع بيع بعض أغراضك.. بعها في ساحة المنزل، بعها في المرآب، بعض الناس يقودون سياراتهم طوال عطلة نهاية الأسبوع بحثًا عن مبيعات المرآب.. ليس لديهم ما يكفي من أغراضهم الخاصة، ويريدون شراء أغراض اﻵخرين.

 

أو يمكنك أخذ أغراضك إلى لقاء للمبادلة، أو سوق اﻷشياء المستعملة، أو بيع النثريات أو المزاد.. هناك العديد من الطرق للخلاص من اﻷغراض.. يمكنك حتى منح أغراضك.. في الحقيقة ستأتي مؤسسة جيش الخلاص ومنظمة جودويل إلى منزلك وحمل أغراضك ومنحها لمن ليس لديهم أغراض كثيرة.. هذا جزء مما يسميه الاقتصاديين: إعادة توزيع اﻷغراض.

 

طيب، يكفينا حديثًا عن أغراضك، لنتحدث عن أغراض الآخرين، هل لاحظت من قبل حين تزور منزل شخص ما أنك لا تشعر أبدًا أنك في بيتك؟.. أتعرف لماذا؟.. لا توجد مساحة ﻷغراضك!.. ففي كل أرجاء المكان تتواجد أغراض شخص ما، ويا لها من أغراض رخيصة!.. "يا إلهي!.. من أين أتيت بهذه اﻷشياء؟"

 

أو تعرف كيف تضطر في بعض اﻷحيان بشكل غير متوقع للبقاء حين تزور شخص ما؟.. يتأخر الوقت ليلًا، وتقرر المبيت؟.. فيدخلونك غرفة نوم لا يستخدمونها عادة.. ﻷن الجدة ماتت فيها منذ إحدى عشر عامًا!.. ولم ينقلوا أي من أغراضها، ولا حتى المرذاذ!

 

أو أي غرفة يضعونك فيها، حيث يوجد عادة دولاب أو كومود، ولا توجد أبدًا أي مساحة فيها ﻷغراضك.. يوجد خراء شخص آخر في الدولاب، هل لاحظت أن أغراضهم خراء، وأن خراءك أغراض؟.. "أخرج هذا الخراء من هنا حتى أستطيع وضع أغراضي!"

 

الهراء أيضًا نوع من اﻷغراض، الهراء عبارة عن أغراض تنتمي للشخص الذي انفصلت عنه للتو، "متى ستأتي هنا كي تأخذ باقي هراءاتك؟"

 

اﻵن، لنتحدث عن السفر، أحيانًا تذهب في عطلة، وعليك أخذ بعض أغراضك، أغلبها ملابس، ولكن أي أغراض يجب أن تأخذها؟.. لا تستطيع أخذ كل أغراضك، مجرد الأغراض التي تناسبك هذا الشهر.. من حيث اﻷثر، فأنت تأخذ خلال العطلة نسخة ثانية أصغر من أغراضك.

 

لنقل أنك ذاهب إلى هونولولو لمدة أسبوعين، عليك أخذ حقيبتي سفر كبيرتين مملوءتان باﻷمتعة.. أسبوعين،  حقيبتي سفر كبيرتين.. هذه هي اﻷغراض التي تضعها على الطائرة، ولكن معك أيضًا أغراض تحملها باﻹضافة إلى اﻷغراض التي أحضرتها في المطار.. لذا أنت اﻵن مستعد للذهاب، لديك أغراض في الرف العلوي، أغراض تحت المقعد، أغراض في تجويف المقعد، وأغراض في حِجرك، ودعنا لا ننسى أشياء ستسرقها من خط الطيران: فضيات، صابون، بطانية، ورق تواليت، رشاشة الملح والفلفل.. أمر سيئ للغاية أن سماعات اﻷذن لن تعمل في المنزل.

 

ومن ثم تطير إلى هونولولو، وتستلم أغراضك -إذا لم يوقعها خط الطيران في المحيط- وتذهب إلى الفندق، وأول شيء تفعله هو إخراج أمتعتك، توجد كثير من المواضع في الفندق التي تضع فيها أغراضك.

 

"سأضع بعض اﻷغراض هنا، وسأضع بعض اﻷغراض هناك".. هاي!.. لا تضع أغراضك هناك!.. هذه أغراضي!.. ها هنا موضع آخر!.. ضع بعض اﻷغراض هنا.. وإليك مكان آخر.. هاي!.. أتعرف؟.. لدينا أماكن أكثر من اﻷغراض في حوزتنا، علينا الخروج وشراء.. المزيد من اﻷغراض!

 

في النهاية تتخلى عن كل أغراضك، لكنك لا تشعر بارتياح، ﻷنك بعيد عن المنزل.. مع ذلك تشعر أنه يتحتم عليك أن تكون بخير، ﻷن معك بعض أغراضك، ولذا تسترخي في هونولولو على هذا اﻷساس، وحينها يتصل صديقك من ماوي ويقول: "هاي، لم لا تعرج على ماوي من أجل عطلة نهاية الأسبوع وتقضي بضعة ليالي هنا؟"

 

أوه لا!.. ماذا يجب إحضاره؟.. لا أستطيع إحضار كل هذه اﻷغراض.. عليك إحضار نسخة أصغر من أغراضك.. كافية فحسب لعطلة نهاية اﻷسبوع في ماوي.. "النسخة الثالثة" من أغراضك.

 

ولذا بينما تطير أنت إلى ماوي، تلاحظ أنك منتشر اﻵن، لديك أغراض في جميع أنحاء العالم!! أغراض في المنزل، أغراض في المرأب، أغراض في منزل والديك (ربما)، أغراض في المخزن، أغراض في هونولولو، وأغراض على متن الطائرة.. تصير خطوط اﻹمداد أطول وأصعب في الإبقاء عليها.

 

النهاية تصل إلى منزل صديقك في ماوي، ويمنحونك غرفة صغيرة، وهناك كومود.. لا توجد فسحة كافية ﻷغراضك لكن لا بأس بها ﻷنه ليس الكثير من اﻷغراض اﻵن.. لديك صورة درو كاري المُوقعة مقاس 8 × 10 خاصتك، وعلبة كبيرة من صلصة الجبن المطبوخ بطعم الجورجونزولا، وعبوة صغيرة لم تُفتح من القصاصات الورقية البنية، وخريطة تضاريسية لجزيرة كورسيكا، وبرطمان حجم عائلي من بياض البيض المجفف بنكهة النعناع.. ومن ثم تبدأ الاسترخاء في ماوي على هذا اﻷساس، وحينها يقول صديقك: "هاي، أظن أننا سنذهب الليلة إلى الجانب اﻵخر من الجزيرة ونزور شقيقتي، ربما نقضي الليلة هناك".

 

أوه لا!  ماذا يجب إحضاره؟.. عليك إحضار نسخة أصغر، "النسخة الرابعة" من أغراضك.. مجرد اﻷشياء التي تعلم باحتياجك لها: أموال، مفاتيح، مشط، محفظة، قداحة، مناديل، موانع الحمل، فازلين، سياط، أصفاد، صفارات، ديلدوهات، و... كتاب. فقط اﻷشياء التي تأمل أنك ستحتاجها.

 

بالمناسبة، إذا كنت ذاهبًا إلى الشاطئ خلال زيارة اﻷخت، عليك إحضار -هذا صحيح- نسخة أصغر من أغراضك: "النسخة الخامسة": سجائر ومحفظة.. هذا كل شيء، يمكنك استعارة كريم اسمرار البشرة دائمًا، وبعدها أظن حين تكون هناك على الشاطئ، وتقرر التمشية إلى منصة المشروبات للحصول على هوت دوج.. هذا صحيح يا صديقي، رقم ستة!.. أهم نسخة من أغراضك: محفظتك!.. تحتوي محفظتك على الشيء الوحيد الذي لا تستطيع المضي بدونه.

 

طيب، مع عودتك للمنزل، يفيض بك الكيل من أغراضك والمشاكل التي تخلقها، ولهذا، وبعدها بأسبوع، تنطف الدولاب والعلية والقبو والمرآب ووحدة التخزين وكل اﻷماكن اﻷخرى التي تبقي فيها أغراضك، وتخفض اﻷشياء لمعدلات يمكن التحكم فيها، فقط الكم الصحيح من اﻷغراض مما يؤدي لحياة بسيطة وغير معقدة.. وحينها يدق جرس الهاتف.. إنه محامي.. يبدو أن عمتك ماتت.. وتركت لك كل أغراضها. أوه لا!.. اﻵن ما العمل؟..  صحيح، الشيء الوحيد الذي تستطيع فعله.. الشيء المُشرِّف، أن تخبر المحامي أن يحشرها في مؤخرته!

إرسال تعليق

أحدث أقدم